موضوع: ابرز الرموز في السينما الصامتة 08/01/09, 01:37 pm
أبرز الرموز الصامته/
Sergei M. Eisenstein – سيرجي آيزنستاين
لم يكن هذا المخرج والكاتب والأسطورة السوفييتية مجرد سينمائي فقط , بل كان أحد أعظم نقادها ومنظِّريها على مر التاريخ ..
سيرجي آيزنستاين يأتي من صنف السينمائيين الذين كانت السينما ستتأخر لولا ظهورهم وهم قلَّة قليلة قياسا على غيرهم ..
أشخاص كأورسن ويلز وجون فورد وفريتز لانج وغيرهم الذين ساهمت ابتكاراتهم السينمائية لإحداث ثورة عارمة في عالم الفيلم السينمائي وخلقوا بها تأثيرا قويا على الأجيال القادمة التي ستتخذ منها منهجا وأسلوبا في أفلامهم
ومكانته كمخرج سينمائي أسطوري أهَّـلته ليصبح من أحد أعظم نقاد السينما ومنظِّريها حيث أصبحت آراؤه النقدية ونظرياته السينمائية إحدى أيقونات النقد السينمائي وكتبه ومقالاته الشهيرة أصبحت فيما بعد من أهم الكتب والمقالات التي يقتنيها النقاد العالميون الكبار ..
/
ولد سيرجي آيزنستاين في عام 1898 أي في عصر الإمبراطورية الروسية وقبل سقوطها في عام 1917 وكان ميلاده في الدولة المسماة حاليا ( لاتفيا ) ..
في عام 1919 قام آيزنستاين بإنشاء معهد سينمائي يشاركه فيه المخرج الفذ Vsevolod Pudovkin وشاعر السينما الأول Aleksandr Dovzhenko وغيرهم. وكان هذا المعهد الذي صنعه هؤلاء الشباب هو النواة الأولى للسينما السوفييتية.. والتي أفرزت فيما بعد صناع السينما السوفييتية الحديثة كالعبقري Andrei Tarkovsky و المخرج Sergei Parajanov وSergei Bondarchuk وMikheil Kalatozishvili وأخيرا Aleksandr Sokurov ..
قدم آيزنستاين أول أفلامه في عام 1923 عن طريق فيلمه القصير ذو الخمس دقائق Glumov's Diary .. إلا أنه لم ينل نجاحا كبيرا ولم يحتوي على إبداعات مختلفة عن سائر الأفلام الأخرى ..
وفي العام الذي يليه أخرج فيلمه الشهير Stachka والذي ظهرت فيه بوادر الإبداع الذي ضمَّنه آيزنستاين في فيلمه هذا الذي تأثر فيه بأسلوب التعبيرية الألمانية.
وفي العام 1925 قدم هذا العبقري تحفته الخالدة Battleship Ppotimkin لتشاهد حينها العالم السينمائي أجمع وقف مندهشا أمام هذه العظمة التي استطاع أن يخلقها هذا الفتى الروسي الذي يبلغ من العمر 27 عاما فقط حيث استطاع أن يخلق من خلاله سينما ذات وجه مختلف وأساليب مونتاجية متفردة ولا مثيل لها في ذلك الوقت وواصل بعدها آيزنستاين تقديم روائعه ليخرج في عام 1927 أحد أشهر وأهم أفلامه الصامتة وهو فيلم October والذي واصل فيه تطوير عناصره السينمائية وركز فيه على عملية المونتاج بشكل كبير
/
واصل بعدها آيزنستاين تقديمه للأفلام الصامتة إلى أن كسر هذه القاعدة عندما توجه إلى إخراج الأفلام الناطقة عبر فيله القصير Romance sentimentale ولعل أجمل وأشهر أفلامه الناطقة هي ملحمته الشهيرة Aleksandr Nevskiy التي أخرجها في عام 1938 ..
عناصر السرد في الفيلم السينمائي هي أهم أساسيات السينما الصامتة فعندما يكون المخرج معتمدا في توصيل مضامين أفلامه على الصورة السينمائية لعدم تواجد الحوار المناسب فإنه يكون حينها ملزما بخلق صورة سينمائية ذات أساليب سردية كفيلة بخلق لغة سينمائية تقوم مقام اللغة الحوارية أو الخطابية.
وفي هذا الجانب تركزت عبقرية آيزنستاين الفذة. حيث أنه استطاع أن يخلق لغة سردية سينمائية في أفلامه تتفوق في تركيبتها الفنية ما قد يوجد في الأفلام الناطقة أو الحوارية.
فكيفية بناءه للأحداث وكيفية تداخلها مع بعضها مكنه من السيطرة على أسلوب السرد وتطويعه ليكون متناسبا مع ما يريد إيصاله. فركز على الاستعارة و الرمزية عبر دمجه لمجموعة من اللقطات ذات الدلالات ليصل بها نحو فهم صورة معينة أراد إيصالها.
كما أنه اهتم كثيرا بالمونتاج. فأهمية المونتاج في السينما الصامتة يكمن في أنه يستطيع أن يقوم مقام الحوار عبر إدخال اللقطات في بعضها لتكوِّن مشهدا متكاملا له لغة سينمائية تعتمد على الدلالة الفهمية التي يستطيع أن يصل إليها المشاهد حال متابعته لأحداث الفيلم , وهو الأمر الذي كان آيزنستاين يطلق عليه ( نقطة التقاء المونتاج ) ..
ولذلك فقد طور كثيرا من مفاهيم المونتاج. سواء المونتاج المتداخل الذي يعتمد على دمج اللقطات فيما بينها أوالمونتاج المتباين الذي ابتكره إدون بوتر أو المتوازي الذي خلقه ديفيد غريفيث ولم يتوقف عند هذا الحد, بل ابتكر نوعا جديدا من المونتاج يطلق عليه (المونتاج الذهني) هذا النوع من المونتاج لم يكن يصلح إلا للسينما الصامتة (على الأقل في ظاهره) .. لأنه عبارة عن الجمع بين سلسلة من الصور لخلق فكرة مجردة ليست حاضرة في أي صورة بمفردها, بمعنى أن يجمع صورتين مختلفتين بغرض أن تدلل على صورة أخرى خارج النطاق.
كأن يعرض لقطة لقطرة ماء منحدرة</B> .. ثم يتبعها بلقطة لعين بشرية</B> .. لتتكوَّن الصورة التي تتمخَّض عن الجمع بين هاتين الصورتين و هي البكاء .