المركز العالي لتفنيات الفنون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اربعينيات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير
المدير
المدير
المدير


عدد الرسائل : 148
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 04/12/2008

اربعينيات Empty
مُساهمةموضوع: اربعينيات   اربعينيات Empty05/04/09, 10:33 am

لأول مرة أشعر بالرعب من فكرة الموت، حدث كل هذا في وقت مبكر من صباح شديد الرطوبة، وإذا كان من المفترض أن يشغلني الهواء الرطب الذي لفح وجهي حين غادرت مسكني عن أي أفكار أخرى، فإن الأمر بدا غريباً أن أفكر فيه على هذا الشكل. طردت الأفكار من رأسي وركبت سيارتي وتوجهت للمكتب، وهناك كانت الصدمة الأخرى، إذ عادت الأفكار ثانية ولكن بشكل أكثر وضوحاً وتركيزاً، كنت واقفاً على باب الأربعين، ولأول مرة في حياتي أفكر في الموت بطريقة مرعبة، حتى لقد كدت أن أبكي.


كنت أفكر في أبنائي، وكوني معدد (متزوج من زوجتين) فإن تفكيري كان عددياً أكثر منه نوعياً، أي أنني فكرت في مجموع الأبناء بغض النظر عن الجنس أو الأم، ترى ماذا سيحدث لو مت؟ ومتى سأموت؟ فكرت في الأمر بصورة افتراضية، فمتوسط الأعمار ستون عاماً، وبالتالي قد أعيش عشرون عاماً، والأمر لايخلو من رغبة مبكرة في الموت فكل أسرتي أصحاب أعمار طويلة باستثناء شقيقتي التي ماتت بسبب المرض، فأبي كان آخر العنقود وقد قارب عمره المائة عام، يقولون أن أهل الجبال تطول أعمارهم. لماذا رسمت لنفسي ستون عاماً؟ هل هي رغبتي في الموت والتخلص من... ولم أجد عبارة مناسبة. التخلص من ماذا؟ التزاماتي؟ همومي؟ ابتداءً أنا لاأعتقد أن همومي مما يدعو المرء إلى الانتحار فأنا محظوظ جداً. إذاً هناك سر في الالتزامات.


أخذت أتساءل عن البداية الفعلية للأمر، لايمكن أن يكون الأمر مرتبطاً بالأجواء فلا علاقة بين الرطوبة والموت، إلا إذا توقعت أن أموت بسبب الحرارة والرطوبة وهو مالم تظهر أي بادرة له كالإغماء، أو الضعف، أو أمراض الصيف التي تظهر عند البعض هذا إذا استثنيت الطفح الذي يظهر على ظهري بشكل خاص.


كنت أفكر في مصير أبنائي بعد موتي، ماذا سيحدث لهم؟ أين سيذهبون، كانت فكرتي أن كل واحدة من زوجاتي ستأخذ أبنائها معها، لا أعتقد أن أحداً من إخواني سيتبرع برعاية أبنائي، وأشعرني هذا الأمر بالراحة نوعاً ما. على الأقل سأموت دون تأنيب بالضمير بسبب التقصير في رعايتهم، كنت أعمل وأبذل جهدي للقيام بهم بحمد الله، وأشعرني هذا بالرضا والسكينة، بل بنوع من الغرور لأنني قوي ومجتهد.


ولكن ماذا سيحدث لو أنهن مِتنَ قبلي، ماذا سأفعل بالأطفال؟ كدت أبكي، سأتزوج من ترعاهم، وحين اتخذت هذا القرار شعرت بالضيق، واكتشفت أنني أرغب في الحرية، لاأريد مزيداً من الارتباط؟ ساءني أن أكتشف هذا الشيء في نفسي، هل أنا سعيد في زواجي، واضطررت أن أعيد ترتيب أوراقي من البداية لأكتشف مدة رضاي عن نفسي وزواجي.


ذلك المساء وجهت أسئلة كثيرة لزوجتي التي سأبيت في بيتها، كانت متعجبة من بعضها، ولكنها مررتها دون تعليقات جانبية، في بعض الأوقات أجلس مثل جلسات المكاشفة، يشعر الرجل بالغرور إذا حقق إنجازاً، أو بالأصح حقق مايظنه إنجاز
عاد بريق الالتزامات يلوح لي، لماذا أقول بريق؟ في هذه الكلمة نوع من الرضا يخالف تفكيري السابق وبالتالي فقد هدم كل مابنيته في عقلي. ماذا حدث بالضبط؟ لماذا اخترت كلمة بريق؟ لماذا لم أختر كلمة أخرى عواصف مثلاً! أو أشباح! أو أي كلمة توحي بالثقل.


ماذا؟.. ماذا؟ لم أعد أشعر بشيء مما حولي، أشعر فقط برغبتي في النوم وبتعبي، وصوت قطرات رتيبة يصلني من منزل الجيران، ضقت بهؤلاء المقيمين في الشقة العلوية، لايحلوا لهم العمل إلا في الليل، ومضت في ذهني فكرة، ترى هل هذا هو السر في مشاعري الكئيبة؟ أخذت ورقة وقلم وكتبت أسماء أصدقائي المقربين جداً. لم يكونوا كثر، أردت أن أختبر الأمر بصورة دقيقة، وضعت دائرة بالقلم الأحمر على كل الأشخاص اللذين يرتبطون معي بالعمل، سواء الوظيفة أو التجارة، كنت قد وضعت معياراً للتقييم، الأشخاص اللذين تحيط بأسمائهم دوائر حمراء ليسوا أصدقاء حقيقيين، هم زملاء عمل فقط، راقبت الورقة في حزن مرة أخرى، هذه المرة كانت كل الأسماء محاطة بدائرة حمراء ، ألقيت الورقة خلفي دون أن أهتم أين ستسقط، فتحت ملفاً جديداً في جهاز الحاسب، وسجلت هذه الكلمات


مما راق لي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://fonon97.yoo7.com
 
اربعينيات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المركز العالي لتفنيات الفنون :: الاقسام العامه :: قسم المواضيع العامة-
انتقل الى: