المركز العالي لتفنيات الفنون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سلسلة رواد السينما

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فيروز عون
عضو مشارك
عضو مشارك
فيروز عون


عدد الرسائل : 50
العمر : 46
تاريخ التسجيل : 08/12/2008

سلسلة رواد السينما Empty
مُساهمةموضوع: سلسلة رواد السينما   سلسلة رواد السينما Empty12/01/09, 07:56 pm



كانت السينما في بدايتها بسيطة التركيب خالية من التعقيد، فكان كل ما يتكلفه المصور - او المخرج - آنذاك هو الاتيان بفكرة صالحة للتصوير، ثم يقوم بتنفيذها وتصويرها كما هي في مكانها الحقيقي في الطبيعة، دون تدخل في الخلفية المكانية أو الزمانية للحدث المصور، وهذا ما تم فعلا على يد الأخوين (لوميير) في فرنسا حين بعثوا بالمصورين الى أنحاء العالم لتصوير أفلام قصيرة مكونة من مشهد واحد فقط، يصورون فيها الناس وهم ينتظرون القطار او هم خارجون من مصنع وهكذا، ولأن العالم كان حديث عهد بآلة التصوير السينمائي، كان الجميع منبهرا بامكانات هذه الآلة وقدرتها على عكس الواقع وترجمته الى صور متحركة تطابق الأصل، لذلك كان تركيز المخرجين والمصورين على الآلة نفسها وعلى صورها أكثر من تركيزهم على ما يمكن أن تخلقه هذه الصور من رموز ومعان وما يمكن ان يضيفوه هم من اثر عليها، لقد كانوا يتعاملون معها بسطحية مبررة! فلم يكن يهمهم وقتها الا مجرد عرض الصور، ولأي شيء تكون.

لكن مع انتشار السينما السريع، ومع ازدياد عدد الأفلام ووصول المنتجين الى أقصى ما يمكن ان يسمح لهم المتاح وقتها، ظهرت الحاجة للابتكار والتطوير في طبيعة المادة المصورة، وظهر معها جيل من رواد السينما المجددين كان من بينهم الفرنسي (جورج ميليه) الذي عرف بأنه اول سحرة السينما، والفنان الذي وضع اللبنة الأولى للتصوير السينمائي وتقنيات المونتاج من قطع ومزج والسيناريو والديكور والمؤثرات البصرية.
ولد (ميليه) لعائلة غنية في باريس في الثامن من ديسمبر من عام 1861م، ومنذ طفولته أظهر ولعا وشغفا بالرسم وصناعة الاسكتشات لمناظر طبيعية أشبه ما تكون بمناظر مسرحية، وعند توليه المسؤولية في أحد مصانع والده، عكف على دراسة الآلات حتى أصبح ميكانيكيا بارعا، سافر بعد ذلك الى لندن بغرض تعلم اللغة الانجليزية، وهناك كان يتردد باستمرار على مسرح الساحر العجيب (ماسكلين) ولما عاد الى باريس اصبح متابعا لساحر آخر يدعى (هوديني) في مسرحه المسمى باسم صاحبه (مسرح هوديني) وفي العام 1888م اشترى (ميليه) هذا المسرح الصغير، ومن خلال الاعتكاف فيه تمكن من ابتكار اساليب وحيل سحرية عديدة، كانت السبب في اقبال الناس على مسرحه بشكل كبير، ولكيلا يقف عند مستوى معين أخذ بصناعة كل ما يلزم من مناظر وديكورات تساعده على تطوير حيله باستمرار.
وبينما كان التنافس محموما بين امريكا وفرنسا حول من ينال شرف السبق في صنع الآلة الأفضل للعرض السينمائي، كان الأخوان (لوميير) يعدان العدة لأول عرض سينمائي حقيقي عبر آلتهما (السينماتوغراف) وتم تحديد يوم 28ديسمبر 1895م موعدا لذلك، وفي غرفة صغيرة في بدروم جراند كافييه في المقهى الهندي في باريس كان العرض السينمائي الأول في العالم، وكان (جورج ميليه) من ضمن الحضور.
لقد بهر (ميليه) تماما بآلة السينماتوغراف، ورأى فيها وسيلة لتوسيع نطاق الترفيه في مسرحه الصغير، وبديلا ناجعا لشاشته المتواضعة التي يعرض فيها مجموعة من الصور عند نهاية كل عرض يقدمه، فقام على الفور في مخاطبة الأخوين (لوميير) بغرض شراء او استئجار هذه الآلة، لكن الأخوين رفضا هذا العرض كما رفضا غيره بحجة ان اباهما رأى انه من غير الأمانة ان يبيعا سلعة ليس لها أي مستقبل تجاري!
ثم صمم على أن يصنع بنفسه آلة عرض سينمائية، الا انه علم بمقدم التاجر (روبرت بول) الى باريس محملا بعدد من أجهزة (البيوسكوب) فاشترى منه جهازا وعددا من أفلام العالم الامريكي (اديسون) وافتتح بذلك اول دار للسينما في العالم في مسرح (هوديني)، وبعد فترة من عرض افلام غيره، قرر تصوير الافلام بنفسه، فقام بناءً على خلفيته الميكانيكية التقنية بعكس آلية جهاز (البيوسكوب) ليقوم بالتصوير بدلا من العرض، واشترى كمية كبيرة من الفيلم الخام ثم اخترع آلة تخريم بدائية وجهازا خاصا لتحميض الافلام، وفي عام 1896اخرج اول افلامه فأتبعه بفيلم (A Game of cards) اللذين كانا خاليين من الخدع والحيل البصرية بعد ذلك اخرج فيلم (السيدة المختفية) وفيه بدأ اولى خطوات ما سيعرف لاحقا بالمونتاج، اذ عمل على اخفاء الشخصية البطلة في الفيلم باستخدام الكاميرا، وقد جاء اكتشافه لطريقة الاخفاء بالصدفة، ففي يوم من ايام عام 1896م كان يقوم بتصوير حركة المرور في ساحة الاوبرا في باريس، واثناء ذلك اصاب الكاميرا عطب بسيط اوقفها عن العمل مدة دقيقة، وعندما أصلحها واستأنف التصوير، ثم شاهد ما صوره هناك، لاحظ ان صور بعض السيارات تتبدل فالباص يختفي وتحل محله سيارة اسعاف، والرجال يتحولون الى نسوة، وهكذا، تم اخفاء السيدة بهذه الحيلة المبتكرة، حيلة القطع، ولقد استغل هذه الحيلة في افلامه اللاحقة ففي فيلمه (مغامرات وليام تل - 1898) نرى بدلة مدرعة تدب فيها الحياة.
وقد أدت معرفة (ميليه) بالتصوير الفوتوغرافي الثابت وخبرته بالكاميرا السينمائية الى اكتشافه طرقا جديدة تقوم فيها الكاميرا نفسها بالحيل، ومن بين هذه الطرق (المزج) وخاصيتي الظهور والاخفاء، كما استخدم في السينما تكنيك التصوير الفوتوغرافي في لقطة متلاشية الأطراف، والتصوير على أرضية سوداء، وهذه الأساليب تعبر عما كان يعنيه ميليه عندما قال (في السينما.. يمكنك ان تصنع المستحيل) في العام 1897م قام (ميليه) ببناء استوديو كامل مجهز بكل ما يحتاج اليه من مناظر كما لو كان في مسرحه تماما، وفي هذا الاستوديو امكنه أن يصنع (المستحيل) فعلا وان يصور الأحداث والوقائع التاريخية كما لو كانت حية تجري الآن وبخلفيات تقارب مثيلاتها الحقيقية كما فعل في (مسألة دريفوس - 1899) و(تتويج ادوارد السابع - 1902).
في العام 1902م أخرج ميليه واحدا من أفضل افلامه على الاطلاق، فيلم (رحلة إلى القمر) الذي اعتبر بحق أول فيلم خيالي علمي في تاريخ السينما، فهذا الفيلم يعتبر سابقا لعصره، في طريقة التصوير، ونوعية اللقطات، وفي أجوائه المبتكرة، وديكوراته وازيائه، وفي موسيقاه التي صنعت خصيصا له، وكذلك في اسلوبه التهكمي الساخر الذي لم يكن مألوفا آنذاك، اما فكرته فهي تدور حول رحلة يقوم بها مجموعة من العلماء الى القمر ذهابا وايابا ويتعرضون خلال رحلتهم هذه لصدامات عديدة من سكان القمر، والفكرة مستوحاة من قصة الروائي الفرنسي الشهير (جول فيرن) (من الأرض الى القمر).
ونتيجة لتوسع نشاطه وتطوره ونجاحه، قرر (ميليه) توسيع الاستوديو الخاص به، فقام بتشييد جناحين حول مكان التمثيل، وخصص المساحة الخلفية للمناظر وغرف الأبواب، كما شيد فوق مكان التمثيل بناء يسمح بتغيير المناظر والمؤثرات الخاصة، وتحت مكان التمثيل اقام قبوا عمقه ثلاثة أمتار لاستعمال الأبواب المسحورة، وفي الاستوديو صنع من جديد كل المناظر وقطع الأثاث ولوازم الحيل السحرية، وكان الاستوديو يحتوي على كمية هائلة من الملابس من جميع الأنواع، لعهود وبلاد مختلفة، مع الملحقات الأخرى كالقبعات والشعر المستعار والأسلحة وغيرها.
هذا الجهاز المقعد الذي اقامه (ميليه) في فناء منزله بضاحية مونتريل كان نموذجا مصغرا لما ستكون عليه الاستوديوهات السينمائية فيما بعد: الاستوديو الرئيسي وبه مكان للتمثيل مجهز بكل ما يلزم لذلك، وغرفة الملابس، والاستوديو الخاص بصنع المناظر والأجهزة، ومعمل للتحميض في باريس، وثان، فيما بعد في مونتريال نفسها، ومعمل لتلوين الأفلام، ومكاتب الادارة في ممر الاوبرا بباريس.
كانت السينما عند (ميليه) وسيلة يقدم من خلالها الترفيه الذي كان يقدمه على مسرح هوديني، لذا كان ينظر للسينما بالنظرة ذاتها للمسرح، وعليه فقد ادخل الى السينما التنظيم المسرحي، وبالتالي فكرة المخرج بوصفه الفنان الذي يوحد كل الجهود، وكان شديد التدقيق في عمله، واذا كان (د. و. جريفث) هو اول مخرج سينمائي قام بعمل البروفات، فقد كان من المألوف لدى (ميليه) ان يقضي ثماني ساعات او تسعا يعد منظرا لا يستغرق عرضه على الشاشة اكثر من دقيقتين ول (ميليه) ادوار اخرى رائدة كانت السبب في استمرار تدفق هذا الفن الناشئ والعناية به، فلقد أسس في العام 1900م (اللجنة التجارية لمخرجي السينما) وكان مقرها بهو (مسرح هوديني) وانتخب (ميليه) رئيسا لها وظل كذلك حتى عام 1912م وفي عامي 1908و1909م رأس المؤتمرين الدوليين الأول والثاني للسينما، وفيهما شدد (ميليه) على ضرورة توحيد تقنيات الفيلم الخام على المستوى الدولي، كما أحبط محاولة توحيد أسعار الافلام المصورة نظرا لأن ذلك سيتسبب في فتور مسيرة السينما.
يتبع...


عدل سابقا من قبل فيروز عون في 12/01/09, 08:34 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فيروز عون
عضو مشارك
عضو مشارك
فيروز عون


عدد الرسائل : 50
العمر : 46
تاريخ التسجيل : 08/12/2008

سلسلة رواد السينما Empty
مُساهمةموضوع: رد: سلسلة رواد السينما   سلسلة رواد السينما Empty12/01/09, 08:16 pm

وقد استمر (ميليه) في إنتاج الأفلام حتى عام 1914م، وهو العام الذي بدأ فيه مسيرة الانحدار، فكأثر مباشر لقيام الحرب العالمية الأولى، أغلق (ميليه) مسرح هوديني، واكتفى عنه بمسرح صغير للمنوعات الفنية، ظل يقوم فيه بالتمثيل فيه مع ابنته وابنه وفرقة من ممثلي باريس حتى عام 1923م. بعد ذلك تكاثرت نكساته التجارية والفنية فأعلن افلاسه وباع كل مخصصاته من منزل ومسرح وأستوديو ومناظر قام بصنعها بنفسه، ولم يتبق له شيء من ذلك سوى اصول افلامه، والتي - في لحظة يأس - أمر بإحراق معظمها، ثم اختفى تماماً.
في العام 1929م اكتشف الصحفي (ليون دروهوت) رئيس تحرير صحيفة Cine Journal بالصدفة الموقع الذي عمل فيه (ميليه) سنوات اختفائه، وهو كشك صغير ومتواضع لبيع الدمى والحلوى، وبعد حملة اعلامية مكثفة قام بها (دروهوت)، سلطت الأضواء من جديد على (ميليه) فاستعاد شيئاً من شهرته وبريقه، وفي المأدبة السنوية لاتحاد السينما الفرنسي اعلن رئيس الاتحاد ان صناعة السينما مدينة لهذا الساحر المبدع وعليها ان تكرمه وأن تعد له بيتاً، ولكنه لم يتسلم هذا البيت أبداً، بل لقد انقضى عامان قبل ان يتسلم معاشاً، بعده استطاع ان يترك كشكه وأن يقيم مع زوجته وحفيدته في قصر كانت تملكه هيئة تبادل التنظيم المسرحي بضاحية اورلي بالقرب من باريس. وعاش هناك حتى قضى نحبه في 21من يناير عام 1938م.
اسهامات (جورج ميليه):
1. قام بتحويل الأفلام من صيغتها الإخبارية الى الصيغة الروائية.
2. اول من قام بصنع المناظر والديكورات خصيصاً بغرض تصويرها، فقبله كانت الاشياء تصور على طبيعتها.
3. ابتكر اساليب وخصائص سينمائية كانت إرهاصاً لما عرف لاحقاً بالمونتاج السينمائي.
4. اول من ادرج الموسيٍقى في الأفلام.
5. طور تكنيك التصوير كما طور الآلات نفسها وابتدع بعض خصائصها المعروفة اليوم.
6. ارسى قواعد الإنتاج والاستوديوهات السينمائية.
7. منح السينما الصبغة العالمية رسمياً من خلال انشائه الاتحادات السينمائية وسن القوانين التي تحكم شركات الإنتاج العالمية.
8. مؤسس اول دار للسينما في العالم.
المراجع:
· (السينما آلة وفن) آلبرت فولتون.
· (تاريخ السينما في العالم) جورج سادول.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فيروز عون
عضو مشارك
عضو مشارك
فيروز عون


عدد الرسائل : 50
العمر : 46
تاريخ التسجيل : 08/12/2008

سلسلة رواد السينما Empty
مُساهمةموضوع: رد: سلسلة رواد السينما   سلسلة رواد السينما Empty29/01/09, 04:19 am

ديقيد غريفت

"إن إنجازه يصعب أن يوجد له مثيل في تاريخ الفن ، فقد استطاع أن يجعل من وسيلة تسلية شعبية ميكانيكية فناً قائماً بذاته ، وضع له أشكاله وقوانينه التي ستبقى في مجملها قائمة بدون حاجة لتعديل أو تبديل لخمسين عاما تالية"
ديفيد روبنسون الناقد والمؤرخ السينمائي المعروف بجريدة التايمز

وفي حفل الأوسكار الثامن عام 1936م
ديفيد غريفيث تسلم جائزة الأوسكار التكريمية من يد Victor McLaglen و Bette Davis

ديفيد وارك غريفيث David Wark Griffith

ولد دايفيد وارك غريفيث في عام 1875 .حارب أبوه من أجل الجنوب في الحرب الأهلية الأمريكية وهو ابن أسرة فقيرة عمل ساعيا وموظف خزينة ومشرفا على مسرح ثم عضوا في فرقة في 1897 ، ثم ممثلا مسرحيا بالقطعة لمدة 10 سنوات حتى عام 1907 الذي كان شهد دخوله إلى عالم السينما ممثلا ، ثم قام بتأليف بعض السينارويوهات وبيعها على شركة بيوجراف الأمريكية التي أعجبت بأعماله فقامت بإسناد مهمة الإخراج له في أول أفلامه "مغامرات دوللي" في عام 1908 .

في الفترة ما بين 1908 إلى 1913 قام بإخراج مئات الأفلام القصيرة التي ساهمت كثيرا في تطوير فهمه للسينما ، كان الفيلم الواحد لا يتجاوز طوله العشر دقائق كان كثير منها مجرد أعمال نمطية ومكررة ( خاصة مع هذا المعدل الضخم ) ، لكنها جاءت متفوقة من ناحية المستوى والتقنية على كل ما قدمته السينما الأمريكية من قبل . بدأ غريفيث يفهم ويحترم الوسيلة الجديدة - الفيلم- ويعمل على تطوير أساليب صناعة السينما كما لم يسبق تطويرها من قبل ، وربما لا يعتبر غريفيث مخترع التكنيك الفيلمي الجديد بقدر ما كان يعتبر الرجل الذي طور الأساليب الفنية الجديدة وصقلها وعرضها بجمال وقوة.

لم يكن هناك في الواقع شيء اسمه المخرج قبل غريفيث . لقد كان الرجل الذي يصنع الفيلم هو المصور عادة ، وكان يصور كل شيء . وكان بطبيعة الحال هو الذي يعطي التوجيهات . لم يكن المصور في الحقيقة أكثر من رجل مرور ، فقد كان يقف في مكان معين ثم يأمر الناس بعمل ما يطلبه منهم أو يأمرهم بالتوقف عن العمل والحركة أو أن يمشوا إلى اليمين أو يتجهوا إلى اليسار وكان يصور كل شيء . كانت هذه العملية عملية ميكانيكية مجردة من أي فكرة أو فن سينمائي .

ماذا قدم غريفيث ؟؟

# تحرير اللقطات وترتيبها أو ما يعرف بالمونتاج ..

أدخل غريفيث المونتاج لأول مرة في فيلم "بعد عدة سنوات" الذي أخرجه عام 1908، قال عنه سيرجي ايزنشتاين أحد أعظم المخرجين والنقاد الذين مروا على السينما : (إن المونتاج سيظل ظهوره إلى الأبد مرتبطا باسم غريفيث) ، واقرأوا ما قالت زوجة غريفيث في مذكراتها عن فيلم "بعد عدة سنوات" فيما بعد : " كان أول فيلم بلا مطاردة . وكان ذلك حدثاً ، ففي تلك الأيام فيلم بلا مطاردة لم يكن فيلماً. كيف يمكن عمل فيلم ليس به مطاردة ؟! كيف سيأتي التشويق أو توجد الحركة ؟ هذا الفيلم كان أول فيلم بلقطات درامية قريبة - أول فيلم به قطع استرجاعي Flashback . عندما اقترح غريفيث مشهد "أني لي" وهي تنتظر عودة زوجها يعقبه مشهد "اينوك" وهو ملقى بجزيرة مهجورة ، شعر الجميع بالتشتت .. كيف ستحكي القصة بهذه القفزات ؟ الجمهور لن يعرف ما الموضوع ! رد عليهم غريفيث: "حسناً ، ألا يكتب ديكنز بهذه الطريقة ؟؟" ، قالوا "بلى ، ولكن هذه رواية مكتوبة الأمر يختلف" .. فقال غريفيث " ليس مختلفاً كثيراً ، فهذه هي الأخرى قصص ولكن مصورة والأمر لا يختلف كثيراً "

# في عام 1909 استخدم غرفيث أسلوب "النجدة في آخر لحظة" والذي جعل منه أسلوبا مشهوراً ..

مثال له : إذا كانت هناك قنبلة تنفجر بمؤقت بعد 10 دقائق ... يأتي البطل ويبطل مفعول القنبلة في آخر ثانية تماماً ... أو مثلاً : البطلة مربوطة على سكة الحديد والقطار قادم نحوها في سرعة ... يأتي البطل وينقذ البطلة في آخر لحظة .. .هذا هو ما يعرف بأسلوب غريفث في الإنقاذ ... وقد ظهر هذا الأسلوب ولأول مرة في فيلم غريفث الصامت القصير The Lonedale Operator عام 1911 م ... حيث وظف القطع المتداخل (المونتاج المتوازي) بين حدثين متوازيين ( أي أنهما يحدثان بنفس الوقت ) بغرض التشويق والتأثير الدرامي ..

ثم طور هذا الأسلوب في أفلام لاحقة بزيادة التشويق والإثارة عن طريق الإيقاع المتسارع للتقطيع من لقطة إلى أخرى ( مثلا : البطلة محاصرة بالنيران في أحد المباني والبطل قادم لمساعدتها ، لقطة للبطلة ثم لقطة للبطل ثم يرجع للبطلة ثم للبطل وهكذا في تسارع وتشويق يحبس الأنفاس ) .

# أما من ناحية الكاميرا ، فقد كان أول من حرك من مكانها ، كانت الكاميرا قبل غريفيث ثابتة لا تتحرك ، وكان الممثلون يأتون أمام الكاميرا ليمثلوا أمامها ثم يبتعدون إذا انتهت أدوارهم وهكذا ، وكان أفضل ما توصل إليه المخرجون قبل غريفيث في حركة الكاميرا أن توضع الكاميرا على ظهر حصان مثلا لتصور فارسا على حصانه أمامها أو أن توضع في سيارة متحركة ، أي أن الكاميرا لم تكن تتحرك فعلياً .

# أما الإضاءة ، فقد استخدم أساليب مختلفة فيها ، فكان مثلاً يسلط الكاميرا مباشرة على الشمس للحصول على لقطة لمشهد رومانسي آخذ في التلاشي تدريجياً ، وقد يعمد إلى جمع العشاق حول موقد للنار حتى تنعكس ومضات رومانتيكية منها على وجوههم . كانت هذه الأساليب كلها نوعا من الإضاءة التي لم تكن شائعة في ذلك الحين .

# لم يكن غريفيث يستعمل الكتابة الجانبية أو المواد العارضة لوصف أحداث الفيلم ، وقد كانت هذه الطريقة وسيلة شائعة أيام السينما الصامتة حيث تظهر لوحة مكتوب عليها ما لا يستطيع المخرج قوله بصريا ، لكن غريفيث لم يكن يستخدمها ، ولم يحتاجها وهو ملم بما يعرف بـ "لغة الفيلم" ، الذي كان هو مخترعها الأول في الأساس .

# لم تكن الأفلام قبل غريفيث تقوم بتعريف الشخصيات قبل أحداث الفيلم الرئيسي ، لم يكن المشاهد يعرف شيئاً عن شخصيات الفيلم الذي يشاهده ، لكن غريفيث كانت لديه وسيلة لتصوير الشخصيات بطريقة تجعل المشاهد يعرف على الفور ما نوع هؤلاء الناس ؟ وبأي شيء يشعرون ؟ وما إذا كانوا طيبين أم شريرين . فمثلاً كان كل ممثل من كبار الممثلين في فيلم "مولد أمة" يظهر في الفيلم مع حيوان ، وكان البطل الجنتلمان يظهر في الفيلم وهو يداعب كلبا أو قطة تعبيرا عن لطفه ، وكان الممثل الشرير يصور وهو يضرب كلبا لتأكيد شراسته . قد لا يكون هذا المشهد مناسبا اليوم في السينما ولكنه كان أسلوباً يعرف المشاهدين على الفور بأنواع الناس الذين يشاهدونهم .وأصبحوا يهتمون لأمرهم ولما يحدث لهم .

# كان أول من اعتنى بالمضمون ، وحاول كثيرا أن يرفع منه كثيرا في الأفلام القصيرة التي أخرجها ، وضمنها مواضيعَ اجتماعية ينتقد فيها الظلم في السياسة أو في المحاكم ، كما قام باقتباس بعض أعمال ديكنز و تولستوي وتشارلز كنسجلي . وكان دائماً ما يقول "فيلم بدون رسالة ، هو مضيعة للوقت فقط" .

في عام 1915 قام غريفيث بتوظيف جميع ما يملك من مهارات لإخراج فيلم "مولد أمة" الذي وصف بأنه أول فيلم درامي أمريكي طويل ( كان فيلما ضخما بمقاييس العقد الثاني من القرن الماضي ، فقد كلف 110 ألف دولار واستخدم غريفيث آلاف الكومبارس حتى أنه اضطر أن يصور هذه الجموع بكاميرا مثبتة على منطاد طائر ) ، أخذ الفيلم عن رواية حول الحرب الأهلية الأمريكية اسمها "ابن العشيرة" للقس توماس ديكسون ، لم يكن أحد قبل هذا الفيلم الذي نجح نجاحا فنيا وتجاريا كبيرين وظل يعرض لمدة 5 أشهر يعترف بفضل غريفث على الشاشة (كما أنه لم يحدث أن اكتسب نجم من النجوم أو ممثل من شهرة أو اعترف أحد بفضله) . لكن بعد هذا الفيلم أصبح غريفيث سيد المهنة بلا منازع .

فيلم "مولد أمة"

مع ثورة الصوت والفيلم الناطق (عام 1927) وبحث هوليوود عن الجديد ، كان مستقبل غريفيث يتداعى شيئا فشيئا وزاد من ذلك المتاعب التي سببها إدمانه للكحول في تلك الفترة ، وبالرغم من ذلك فقد أخرج عدة أفلام أثبتت أنه لايزال في مستواه المعهود .

تقاعد غريفيث بعد عام 1931 وطلق صناعة السينما إلى أن مات عام 1948 في لوس أنجلس (باستثناء إسهامات بسيطة للغاية)

في عام 1935 أعطي ديفيد وارك غريفيث الذي وصف بأنه أب السينما الأمريكية وشكسبير الشاشة ومخترع هوليوود جائزة تشريفية خاصة من الأكاديمية الأمريكية للفنون (الاوسكار) .

في 1975 , خدمة البريد الأمريكيّة شرّفت جريفيث بإصدار طابع بريدي يحمل صورته.

ماذا قيل عن ديفيد وارك غريفيث ؟؟

"إنك كلما تشاهد فيلماً اليوم ، لا بد أن تجد فيه شيئا يبدأ بغريفيث"
ألفريد هيتشكوك


"إنه مثل الإنجيل ، أعني أنه إنجيل صناعة الأفلام. إن كل مخرج عظيم حتى حوالي عام 1925 إما عمل مع غريفيث أو تعلم منه الكثير . فبدونه ما كان يمكن أن نشاهد الأفلام التي نعرفها اليوم ، أو أن نضجها كان يمكن أن يتأخر سنين طويلة"
ويليم ايفرسون


"لو لم يكن غريفيث قد دخل حقل صناعة السينما ، لكان يمكن أن يصبح الفيلم نوعاً بديلاً للمسرح ، مع أنواع مختلفة من المسارح وتابلوهات طويلة"
ويليم ايفرسون


"إني أود أن أستحضر ما قدمه لنا ديفيد وارك غريفيث ، نحن مخرجي الأفلام السوفييت الشباب في العشرينات . إني أقول ببساطة وبدون لف أو دوران إن ما قدمه غريفيث لنا كان إلهاماً"
سيرجي ايزنشتاين

"لقد وضع غريفيث الجمال والشعر في وسيلة تسلية مبهرة في متناول الجميع"
ايريك فون سترويهام

المراجع والمصادر:

1) مقالة بعنوان "سنوات غريفيث" للكاتب ويليم ايفرسون .
2) مقالة بعنوان "من غريفيث إلى ايزنشتاين وبالعكس"
3) تاريخ السينما العالمية لديفيد روبنسون .
4) موقع غريفيث في IMDb
5) تاريخ السينما في العالم للمؤرخ الفرنسي المشهور جورج سادول )
المصدر : سينماتك

يرجى عدم الرد حتى انتهاء السلسلة

كما يرجى تثبيت الموضوع








الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سلسلة رواد السينما
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المركز العالي لتفنيات الفنون :: التخصصات والمشريع بالمركز :: قسم الفنون المرئية-
انتقل الى: